السلفيين – الشيعة – الديموقراطية

السلفية، الوهابية، دعوة التوحيد … أسماء متعددة للتيار الذي أُسس عليه الكيان السياسي الأساسي في الجزيرة العربية بقيادة محمد بن القاضي بن عبد الوهاب التميمي وحماية الأمير محمد بن سعود الذي حماه ودافع عنه بسيفه طيلة حياته. وقد كانت دعوة التوحيد تقوم علي ما إتفق عليه الأئمة. وهذا ليس سيئا في حد ذاتهإذا كان في الأصول والثوابت، بل هو شئ مستحب. بعيدا عن التفاصيل التاريخية الكثيرة في هذه الأحداث، أردت أن أسجل من وجهة نظري التي أوضحتها هنا، أن التقليد من السلف الحرف بالحرف إنما يفقد الإسلام تجدديته وصلاحيته لكافة الأزمنة.
أنتقل إلى نقطة أخرى مهمة. لقد أرسى السلفيون مبدأ مهما راسخا وعدم الخروج على طاعة الإمام إلا إذا أنكر معلوما من الدين. الغريب هنا أنهم دائما يدعون بالثبور على اليهود والأمريكان وما إلى ذلك، مع أن دولتهم من أكبر الدول تعونا مع الولايات المتحدة (دور البترول)،وعلاقتهم مع إسرائيل خاصة مع الحرب الأمريكية على العراق ويدعون في نفس الوقت لحكامهم. أسجل هنا عجبي الشديد فلا يحتمل الأمر إلا تفسيرين:
1. الجهل ويكون هنا عارا على العلماء
2. النفاق، ولا تعليق
أترك هذه الأزمة قليلا لنفكر في مسألة حسابية:
أثبت أن معدل القرب من الولايات المتحدة بالنسبة للدول العربية يتناسب عكسيا مع الممارسة الديموقراطية مع ذكر الإستثناءات وعواملها.
نجد أن الدول ذات الأغلبية السنية وبالأخص السلفيين هم الأكثر قربا للولايات المتحدة. وأيضا هذه الدول هي الدول التي لا يوجد بها تقريبا ممارسة ديموقراطية [حتي مع وجود ماضي سياسي ثري في دولة مثل مصر.
أنتقل هنا إلى منطقة أخرى في العالم العربي وهي الدول التي بها نسبة مؤثرة في سكانها من الشيعة، ومثل الدول التي تقع بأكملها تقريبا على الخليج العربي (البحرين مثلا). فقد بدأت تظهر في هذه الدول مؤخرا بوادر ديموقراطية حقيقية واضحة.
من هنا أريد أن أناقش الخلاف الأزلي بين السنة والشيعة. فالكثير من الناس يتكلمون عن الشيعة على أساس أنهم فئة واحدة (خطأ التعميم الشهير) والحقيقة أن الشيعة ينقسمون إلى فرعين رئيسيين وتحتهما فروع كثيرة. القسمين هما:
1. الشيعة المعتدلين
2. السيعة الغلاة
الغلاة هم من يجعلون هناك من يألهونه سواء كان من أهل البيت أو من غيره (جعفر الصادق والحاكم بأمر الله كمثل للنوعين، او تكون ممن أنكرت ما هو متواتر مثل تحليل شرب الخمر وخلافه أو كانت ممن جمع هذا كله. ولن أتحدث عن هذا القسم لأنه يخرج عن سياق الموضوع
أما الشيعة المعتدلين وهم الأقرب إلى السنة مثل الزيدية والإثنا عشرية وما إليها من المذاهب المرتبطة في معظم نواحي الحياة مع بعض الإختلاف في بعض الأحكام الشرعية والفقهية والتي ليست من أصول الدين وثوابته.
نعود ثانبة إلى مقارنة الديموقراطية والدين وألخص ما في رأسي في عدة نقاط:-

1. أن زيادة نسبة الشيعة في دولة عربية ما مقترن بزيادة الممارسة الديموقراطية.
2. دولة مثل إيران فيها ما فيها من القمع وخلافه، ولكن لا مساس بصندوق الإنتخابات (في آخر إنتخابات تشريعية في إيران فشل تيار أحمدي نجاد في الحصول على الأغلبية)
3. شعار لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين هو شعار مستحيل التطبيق لأنه مأخوذ من آثار الأصولية المسيحية fundamentalism وهي مختلفة تمام الإختلاف عن الأصولية الإسلامية. (ولا هذا موضوع آخر)
4. الدين يستخدم من قبل النخبة الحاكمة غالبا إن لم يكن دائما (في الدول المستبدة) لبتبرير أفعال وأهواء الحاكم وهذا عكس ما حصل في أوروبا القرون الوسطى الذي يخاف من حدوثه المثقفون فالسياسة هي التي تستخدم الدين وليس العكس.
5. أن العرب (كشعب بالدرجة الأولى) يجب أن يمارسوا إحترام الآخر العربي (فقد سأمت من إستخدام هذا المصطلح كإشارة للغرب) وتفهم إختلافه في بعض النواحي
6. أن الديموقراطية التي تتشدق بها الولايات المتحدة هي حجة فاسدة فما الوضع إلا إتفاق مصالح وتعارضها، ويجب الإستفادة من المصالح في إطار المصلحة القومية (وليس مصلحة الكراسي والكروش)
7. وفوق كل شئ…إعلاء قيمة الإنسان التي ترخص كل يوم

ملحوظة: لم أنوه للبنان لأنها حالة خاصة جدا وأعني هنا الحرب الأهلية وآثارها

4 Responses to السلفيين – الشيعة – الديموقراطية

Leave a Reply to IRC PresidentCancel reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.